الرئيسية / الرئيسية / من وحي الذاكرة: الحلقة الرابعة – ليلي ناسيمي –

من وحي الذاكرة: الحلقة الرابعة – ليلي ناسيمي –

 

الكتابة شكل من أشكال التواصل بين البشر، فهي فعل تبادل الرسائل بتوظيف الرموز المكتوبة ولها أحيانا مفعول إكلينيكي يسهم في التصالح مع الماضي، حيث نكتب لاستحضار الزمن الجميل و الطفولة، نكتب لنقول أننا مررنا من هنا، وها نحن نترك االأثر.

لسنوات عدة و أنا أقتنص بورتريهات لشخصيات عامة وأخرى عادية، لشخصيات تعيش أو عاشت بيننا أو معنا، وجوه تراقص النبض اليومي وضغوط الحياة وهلم قسمات وملامح وجوه غيبها الموت وأخرى ما تزال تعيش بين ظهرانينا. أشخاص تركوا أثرا جميلا أو رسموا موقفا ظل بالذاكرة، تفردوا وتميزوا بفعل أو أفعال تجعلنا نهتم بهم ونعيد استحضارهم بفعل الكتابة.

وفي هذا الصدد نورد رابع بورتريه حول الشاعرة ليلى ناسيمي:

 

لم أكن بعيدة النظر، لكن الناس ابتعدوا

ما كانت لي عين ترى، كان لي قلب يبصر
كأس واحدة تكفي لطمس ألمي
كأس واحدة ويزهو النشيد في دمي
الشاعرة ليلى ناسيمي

كيف ألج عالمك ليلى وقد أغلقت كل الأبواب وختمتها بالشمع الأحمر؟ كيف لي بوصل حرفك وقد ضيعت نقط الحروف وأنا أعبر الطريق لأصل لشط الحكاية؟
ليلى ناسيمي شاعرة تتقد عباراتها وتتوهج، تستقبلك بابتسامة عريضة كلما منحتنا الحياة فرصة للقائك. ليلى ناسيمي عاشقة الشعر، خادمته. كريمة الطبع نقية السجية، بسيطة في كل شيء، لا تحب البروتوكولات الجوفاء. ليلى الشاعرة الكونية التي تلامس بقصائدها الذات الإنسانية.. وهي تصدح على ركح الشعر ترحل بك إلى عوالم الشعر بكل معانيه ودلالاته وتجلياته..
الشعر ليس مجرد حروف مختارة ولا عبارات رشيقة، الشعر مواقف وردود فعل وفعل. ليلى شاعرة العبارة الصادمة والواقع بعري المسمار وخشونة الحجر.. تكتب الشاعرة ليلى ناسيمي بأظافرها على حائط الحياة. تركب فرس الشعر فتتجول عبر كل محطاته، ترمينا بزخات من نور وتهدينا مفاتيح لأبواب موصدة أو تكاد.
أنا المنفي داخل الكلمة
أظل أتلصص من ثقب الحرف،
أرتق جرح الفكرة،
وأخيط فمي بمخيط الخوف…
لك الشعر ليلى ولنا عباراته المتقدة، لك الغوص في يم الشعر ولنا تأمل زبده وكره وفره.. اكتبي فأنت ليلى الشعر، اعشقيه كما تشائين، وكما تشائين الوي عنق العبارة تأتيك الحروف المسومة طواعية.
ليلى ناسيمي شاعرة تصيخ السمع الشارع، تغازل اليومي ، تنظر مليا إلى أركان الشارع المنسي و المغبر ،تلامس عمق العبارة و عمق الحياة.
ليلى ناسيمي تحلم بوصول الشعر لكل شرائح الشعوب، تعتبر الشعر خبز البسطاء وملح أيامهم التي تكشر عن أنيابها كلما غابت الشمس. تمتلك ليلى من الحلم ما يملأ كل القلوب الفارغة، لها من الالتزام ما يجعلها سيدة المجتمع المثقف. كان لها السبق في جمع ثلة من الأدباء المغاربة والعرب في المنتدى الافتراضي: “منتدى العشرة”
يرجع لها الفضل أيضا في جمع شتات الشعراء بصالونات أدبية على سبيل الذكر لا الحصر:” صالون عازفة القانون والمثقفة زهرة أبو العز”. كان لها مشروع ثقافي آمنت به بقوة. بعد مرور بعض السنوات رأينا نسخا مطابقة للأصل لنسختها.. نحن في زمن تسرق فيه الأفكار علنا مع سبق الإصرار والترصد. في واقع غير الواقع و في زمن غير الزمن تضع الفعاليات المجتمعية يدا في يد للسير قدما بالمجتمعات.. لكننا تحت وطأة ذهنيات إمعة، كثر في واقعنا التهافت والتنافس الأجوف.
ليلى ناسيمي قارئة نهمة، تقرأ بعمق عبد الله راجع وأحمد المجاطي وأحمد بركات، وهلم شعراء نقشوا المعاني فشهدت على عمق تجربتهم..
ليلى يكفيك شرفا أنك تتقنين النفخ في ناي الشعر، ويكفينا أنك تجمعين شتاتنا كلما لم تسعفنا فرص اللقاء، يكفي أنك تساعدين الساقطين في طريق الأدب على القيام والعودة لفضاء الكتابة وفك طلاسم الحرف. لك الحب حتى مطلع المعاني المتقدة والعبارات المتوهجة الحالمة التي تجمع أفئدتنا بكف الشعر

شاهد أيضاً

الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية تصدر بيانا للرأي العام

بيان الرسمي الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية تشكل الأحداث التاريخية العظيمة التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *