لم اكن اريد أن أدخل في هذا السجال العقيم لان بكل بساطة ليس كل الأشياء تناقش و لا كل الأشخاص و خصوصا اذا ظهر المعنى و المغزى فبطل مع العجب كل رغبة في الخوض في النقاش .. و لكن …
مشاركة نساء و رجال التعليم في الإحصاء من عدمه يمكن ان يكون نقاش حق ( في إطار حق المواطن مناقشة كل ما يتعلق به بكل حرية مقيدة بالاحترام)و لكن الأكيد انه اريد به باطل.
دفاعنا عن المدرسة العمومية و عن أبناء الشعب لم و لن يكون يوما بمعزل عن الأستاذ و الدليل ان كل الاصلاحات المتكررة التي نهجتها الوزارات المتعاقبة و لم تلامس الاستاذ ووضعيته لم تنجح و لن تنجح .
الاستاذ هو عصب المدرسة العمومية و كل ضرب فيه هو ضرب ممنهج في التعليم العمومي .
الاستاذ ليس شخص فلان او علان و ليس سلوك ايجابي او سلبي نتحدث عنه معزولا.
الاستاذ هو الرمز و شاء من شاء و ابى من ابى له حرمة .
الاستاذ هو الكل و الذي لا تجزئه ممارسات بعينها.
من يريد ان يتكلم عن الاستاذ يجب ان يعي جيدا انه يخوض نقاشا مجتمعيا حقيقيا يهم حاضر و مستقبل هذا البلد فلا مكان للسذاجة و العشوائية و التطاول في هذا النقاش فنحن ننقاش الرمز كما قلت و كما قال مهدي منجرة اذا اردت ان تهدم مجتمعا اهدم صورة المعلم فيه (التعليم في شخص المعلم).
هذه الصورة التي يضرب فيها من هب و ذب عن قصد او عمد هي ليس نتاج تصرفات الاستاذ بل هي نتاج تمثلات و سياسات عمومية و أيضا ضربات ممنهجة و السؤال المطروح دائما من له مصلحة في تشويه هذه الصورة ؟؟ و ما الغاية ؟؟
و هل من يعثبر نفسه حقوقيا يدافع عن المجتمع و قضاياه يمكن ان يسمح لنفسه ان يكون حتى بدون قصد خديما لمن يريدون الاجهاز على رمز من رموز المجتمع و يسئ للمدرسة العمومية في شخص الاستاذ؟
ماذا وقع لك ياغالي تاهت عنك رزانة و ثقافة و وعي الحقوقي بخوض نقاش رصين و انزلقت بما يعرف عند بعض المؤثرين “بالمعاطية” فتدنى مستوى نقاشك في تدوينات متكررة مستفزة و خرجات اعلامية غير محسوبة و غير متجانسة تضرب هنا و هناك كشخص يبحث عن البوز …
نحن لا ننزه الاستاذ عن الانتقاد و لكن نعم ننزه عن التهكم و كان حريا بك من باب الحرص ان تناقش الامر من كل جوانبه مستحضرا أبعاده لان الاستاذ ليس المعني الوحيد فيه و ان كانت المشاركة في الاحصاء اختيارية ، و أن تختار لهذا النقاش لغة عاقلة مهذبة بحقل لغوي حقوقي و علمي و ليس سوقي، لغة تليق بمكانة المعلم و هذا الاستحقاق الوطني الهام .
هذا النقاش الذي لم يختر الزمان في شيء لان ما تعيشه البلاد هو ما يحتاج فعلا نقاشا حقوقيا حقيقيا في عدة ميادين فأين نحن من مستوى الرياضة في بلادنا و ما تستنزفه من أموال مقابل الفشل و غلاء المعيشة و نذرة المياه و قضايا التعليم ( طلبة الطب ) و الصحة و الرعاية الاجتماعية … ؟؟؟
و لكن لغالي و أتباعه من المعجبين و المجمجمين من لهم ذكريات سيئة في المدرسة العمومية رأي آخر .
اجمع يا غالي الجيمات و احترف مهمة مؤثر فيسبوكي فقد عرفت من أين يؤكل كتف البوز و اترك شأن الاساتذة و نقشاهم لمن هو أعقل .
أما وعيدك الذي أجلته لشهر شتنبر فهو أكبر دليل على ما أصابك من هوس و جنون الفيسبوك و الذي ينزل بك من درجة حقوقي الى باحث عن البوز و المتابعات .
و خير ما أختم به تدوينتي هذه هو مقتطف من الرسالة الملكية التي أرسلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس الى رئيس الحكومة بمناسبة الاحصاء العام للسكان و السكنى:
” لا يخفى عليك ما يكتسيه هذا الحدث الذي يتجدد على رأس كل عشرية من أهمية استراتيجية، بالنظر إلى الأهداف المتوخاة منه، والذي يهم مجموع الأمة، والمؤسسات الوطنية والدولية، والفاعلين السياسيين والنقابيين والاقتصاديين، والمجتمع المدني، بالإضافة إلى الأسر المغربية وكافة الجاليات الأجنبية المقيمة بالمغرب”
غيثة بدرون